بقلم /مجدى حسين
استفزاز - تحدٍّ واحتقار للشعب.. استهزاء بالثورة.. وقاحة تناحة.. قلة ذوق.. وانعدام للكياسة.. استهتار بمصير وتاريخ أمة.. واجتراء منقطع النظير على مصر الثورة.. واستباحة لدماء الشهداء وآلام المصابين.
كل هذه المعانى وأكثر منها تتداعى إلى الذهن مع سماع خبر تقدم عمر سليمان للترشيح لرئاسة الجمهورية، ولكنها فى نفس الوقت صفعة وإنذار تحذيرى أخير للمستهترين بمصير الثورة الظانين أن الأمور قد انتهت، أو الواقعين فى خلافات جانبية لتقسيم الصف الوطنى والثورى والإسلامى. فهذه هى نهاية التهاون فى تولى القوى السياسية المعارضة لنظام مبارك مقاليد الحكم التنفيذى عقب سقوط الطاغية، وإعطاء الأمان لأتباع وموظفى حسنى مبارك فى المجلس العسكرى ليحكموا البلاد طوال هذه المدة التى تجاوزت العام.
وتحول الموضوع إلى عبث فى عبث. فها نحن نعود إلى المربع رقم صفر وكأننا فى يوم 10 فبراير2011 حيث كان عمر سليمان يحكم البلاد بتفويض من رئيسه مبارك. لقد كنا إذن نتسلّى ونضيع الوقت ونتساهر لأكثر من عام، فى فلتان أمنى وضياع اقتصادى وحياة فى الوقت الضائع على هامش التاريخ وصراع الأمم، لننتهى مرة أخرى إلى نفس النقطة التى بدأنا بها. لم تقم ثورة فى التاريخ لتقيم بعد نجاحها انتخابات يشارك فيها أبرز رموز النظام المخلوع، بل الرمز الثانى بالتحديد، والذى يمكن أن نصفه بالتوأم السياسى لمبارك. وبالتالى لا فرق بين ترشح مبارك وترشح سليمان. إذن لماذا لايترشح مبارك؟ وما الفرق؟ ولماذا أصلا لم يحاكم سليمان، بل استخدم فى شهادة زور مع طنطاوى لتبرئة مبارك من دم الشعب المصرى!
نحن ندفع الآن ثمن تساهلنا مع المجلس العسكرى ومع تلاعباته السخيفة بين منطق الثورة ومنطق القوانين الصادرة فى العهد البائد لتفريغ الثورة من مضمونها. وقد قام المجلس بالاحتفاظ بكل ما يريد من النظام السابق وترساناته القمعية والتشريعية، ولم يتخلص إلا من افراد الأسرة الحاكمة وعدد قليل ممن يلوذون بها، لأن الأسرة كانت تنتوى إخراج منصب الرئاسة من العسكريين لمدنى هو ابن مبارك. احتفظ المجلس العسكرى بهيكل وزارة الداخلية كما يريد، وتحت سيطرته، احتفظ بالنائب العام، احتفظ بالمحكمة الدستورية التى كان يتعين تجميدها مع تجميد الدستور لاستخدامها فى التلويح بحل البرلمان. واحتفظ بتحكمه فى العملية الانتخابية الرئاسية من خلال المادة 28 التى تحصّن اللجنة الانتخابية من أى طعن، ووضع فيها نفس أتباع مبارك بما فى ذلك المستشار المتهم بتهريب المتهمين الأمريكيين. والآن بلغ بهم الإفلاس فلم يجدوا فى المؤسسة العسكرية مرشحا إلا هذا الوجه المحروق الذى أطاحت به جماهير الشعب مع مبارك. جلاد الشعب المصرى والشعب الفلسطينى وصاحب الملفات الفاشلة فى فلسطين والسودان وفى كل المنطقة العربية، الشخص المقرب والمحبب لأمريكا وإسرائيل، مهندس المذلة والتبعية والتطبيع، وأسرته ليست بعيدة عن الفساد المستشرى. الشخص الذى يحتقر الشعب المصرى بأسره ويقول إنه لا يصلح للديمقراطية، ولكن لأى شىء يصلح عمر سليمان عدا تعذيب الإسلاميين من مختلف أنحاء العالم حيث كانت أمريكا ترسلهم له كى يعذبهم حتى الموت. الشخص الذى اتهم الثورة كلها بالعمالة لقوى أجنبية، كيف يطل برأسه ليطلب أصوات الشعب المصرى الجاهل بالديمقراطية؟ لا.. إنه يراهن على التزوير أولا ثم بعض التعاطف الذى يغذيه الفلتان الأمنى المدبَّر من المجلس العسكرى وأجهزته الأمنية لكى يصرخ الشعب راغبا فى الأمن عن طريق قبضة أمنية لشخصية عسكرية أمنية!!
إننا نطالب كل قوى الثورة من مختلف الاتجاهات بإعادة التلاحم من جديد لمواجهة تغول المجلس العسكرى وأجهزته الأمنية لإجهاض الثورة، لا بد من وقفة شعبية موحدة للمطالبة بإسقاط ترشيح عمر سليمان باعتبار أن الثورة التى هيأت المجال لحكم المجلس العسكرى قد توصلت لإسقاط الثنائى مبارك سليمان. وأيضا لإسقاط المادة 28 من الإعلان الدستورى والتى تنص على تحصين لجنة الانتخابات الرئاسية وإعادة النظر فى تكوين هذه اللجنة.
إما أن تتجمعوا فى مليونية الحفاظ على الثورة يوم الجمعة القادم 13 إبريل فى ميدان التحرير وكل الميادين الرئيسية فى المحافظات، وإما تعريض الثورة بأسرها للضياع.
لا تنتظروا التزوير حتى يحدث، لا بد من استباقه ومنعه وقد اتضحت معالمه، واتضحت النوايا الإجرامية تجاه ثورة الشعب.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
النصر لشعب مصر وثورته المجيدة


0 التعليقات: